مولدها:
رأت السيدة فاطمة نور الحياة يوم الجمعة في العشرين من جمادى الآخرة، قبل خمس سنوات من بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، في الليلة التي اختلفت فيها قريش على وضع الحجر الأسود، فوضعه النبي بيديه الشريفتين، وبعدما عاد لبيته بشر بمولد السيدة فاطمة.
وكانت فاطمة هي الابنة الرابعة لرسول الله بعد زينب ورقية وأم كلثوم، وكانت مباركة وميمونة المولد والمنشأ والحياة.
فعن خديجة رضى الله عنها قالت: "لما حملت بفاطمة? حملت حملاً خفيفاً وكانت تحدثني في بطني، فلما قربت ولادتها، دخل عليّ أربع نسوة ?عليهن? من الجمال والنور ما لا يوصف،? فقالت إحداهن أنا أمك حواء، وقالت لي الأخرى أنا آسية بنت مزاحم، وقالت الأخرى أنا كلثم أخت موسى، وقالت أخرى أنا مريم بنت عمران أم عيسى، جئنا لنلي من أمرك ما تلي النساء، فولدت فاطمة، فوقعت على الأرض ساجدة، رافعة? أصبعها.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لما أسري بي إلى السماء، أدخلت الجنة، فوقعت على شجرة من أشجار الجنة، لم أر في الجنة أحسن منها ولا أبيض منها ورقاً ولا أطيب ثمرة، فتناولت ثمرة من أثمارها فأكلتها، فصارت نطفة في صلبي، فلما هبطت إلى الأرض واقعت خديجة، فحملت بفاطمة عليها السلام، فإذا أنا اشتقت إلى ريح الجنة شممت ريح فاطمة."
صفاتها ومواقفها
كانت السيدة فاطمة القلب الحنون على أبيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت تقف إلى جواره وتؤازره على صغرها، حيث كان النبي الكريم يعاني اضطهاد قريش، وأذى عمه أبي لهب، وامرأته أم جميل التي كانت تلقي بالقاذورات في طريقه، فترفعها السيدة فاطمة وتنظف الطريق لأبيها.
وعانت أشد المعاناة عندما حوصر المسلمون في بداية الدعوة، مع بني هاشم في شعب أبي طالب، لمدة ثلاث سنوات، لكنها صمدت وتحملت حتى رفع الله الغمّة.
وما كاد ابتلاء الحصار ينتهي، حتى فُجعت السيدة فاطمة في وفاة أمها السيدة خديجة، فأحست بالحزن والألم، بالإضافة لإحساسها بالمسئولية تجاه أبيها محمد الكريم، فكتمت حزنها في قلبها، وتجلدت من أجل المهمة الصعبة التي تنتظرها، وكانت نعم الابنة ونعم المعين لخير الخلق كلهم، حتى لقبت بـ"أم أبيها".
وقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنْ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ).
وقَالَ صلى الله عليه وسلم: (نَزَلَ مَلَكٌ، فَبَشَّرَنِي أَنَّ فَاطِمَةَ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ).
وقَالَ صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا فَاطِمَةُ شُجْنَةٌ مِنِّي، يَبْسُطُنِي مَا يَبْسُطُهَا، وَيَقْبِضُنِي مَا يَقْبِضُهَا).
ولفضلها وورعها ومكانتها بين نساء المؤمنين، لقبت السيدة فاطمة بالعديد من الألقاب مثل الزهراء، والبتول، والصديقة، والطاهرة، وأم الأئمة، والمنصورة، والصادقة، والمحدثة والريحانة، وغيرها.
زواجها:
تزوجت السيدة فاطمة الزهراء من ابن عم رسول الله علي بن أبي طالب، ومنحها درعه "الحُطمية" صداقا لها، فملأت بيته نورا وأنسا، وأنجبت له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب، واجتهدت في خدمته وقضاء حوائجه على ضيق العيش الذي كانت تجده في بيته، حتى ضعف بدنها، وأثرت الرحى في يدها، ولكنها استمرت تقوم بواجبها راجية ثواب المولى سبحانه وتعالى.
وفاتها:
لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم، مرض الموت، دخلت عليه السيدة فاطمة تبكي وتقول "واكرب أبتاه"، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا كرب على أبيك بعد اليوم"، ثم همس إليها بكلمات في أذنيها، فبكت، ثم همس لها مرة أخرى، فضحكت.
ورفضت السيدة فاطمة أن تخبر أحدا بما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى مات ولقي ربه راضيا مرضيا، وإزاء إصرار السيدة عائشة على معرفة ما درا بينهما، قالت السيدة فاطمة إن رسول الله أخبرها أنها سيقبض في مرضه هذا، فبكت، ثم أخبرها أنها سوف تكون أول نسائها لحاقا به في العالم الآخر، فضحكت.
وبالفعل لم تمض سوى ستة أشهر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أجابت داعي ربها، وفاضت روحها الطاهرة إلى بارئها، وصلى عليها زوجها علي بن أبي طالب وولداها الحسن والحسين، ودفنت ليلا.