ابنك يسأل .. وأنت تجيب
يُذكر أن حفيداً سأل والدته عن جدته !!
فقالت الأم: صعدت السماء عند ربنا !!
وبدون تفكير قرر الطفل الصغير الذهاب لجدته فقفز من الشرفة ليصعد السماء بدون عودة!
إن ما حدث هو -ببساطة- نتيجة متوقعة لإجابة خاطئة استهانت الأم فيها بعقل طفلها.
وهذا ما يجعلنا نقف باحترام واهتمام عند أي سؤال من أسئلة الأطفال وأن لا نعتبر أسئلتهم مجرّد عبث طفوليّ !!
في سنوات الطفولة الأولى يتمتع الطفل بالخيال الواسع الذي لا يعترف بالقيود المعلومة للكبار ، وهذا الخيال - من جهة - مختلط بالواقع ، ولذلك تتولّد عنده كثيراً من الأسئلة التي يعتبرهاالكبار أنها ( أسئلة ساذجة ) وفي الحقيقة أن هذه الأسئلة ربما تشكّل تحوّلاً في ثقافة الطفل الأمر الذي ينعكس على سلوكه ( سلباً أو إيجاباً ) !!
لماذا . . هذا الاهتمام ؟!
الطفل كالصفحة البيضاء .. ومن هنا تكمن أهميّة الجواب الحكيم على سؤالات الأطفال ، وذلك لأن :
- أي إجابة خاطئة تنطبع في ذهنه أو في عقله اللاوعي تشكّل عليه خطراً إمّا آنيّاً أومستقبليّاً - فيما إذا بقيت المعلومة ذاتها في ذهنه ولم تصحح - !!
- كما أن الإجابة عن أسئلة الطفل تحقق له توازنا نفسيا من حيث كشف الواقع له بطريقة مبسّطة وضبط خياله بطريقة هادئة .
- وتزيد من قدرته على التفكير، وفهم الآخرين واحترام الذات، وفهم العادات والتقاليد المحيطة به ويحترمها الجميع.
الطفل لماذا يسأل ؟!
بداية لابد أن نعرف أن أسئلة الطفل في جهة ما تكون انعكاساً للبيئة أوالمجتمع الذي يعيش فيه الطفل .. فالطفل الذي يعيش في بيئة لا تعتني بالستر والتستر وستر العيوب - مثلاً - تكثر أسئلته حول الأمور ( الجنسية ) وما يدور حولها . .
وعندما يعتمد الآباء على تربية الصغار بأمور غيبية ( روحية ) لا يشاهدونها ولا يحسّونها فستكثر أسئلتهم حول هذه الغيبيّات بطريقتهم الخاصّة . .
وذلك أن الطفل يسأل :
- رغبة في الاستطلاع والاكتشاف.
- حاجته إلى الفهم.
- حاجته إلى المشاركة وتأكيد الذات.
- الرغبة في تقليد الكبار.
- نمو القدرة اللغوية.
قبل أن تجيب طفلك .. . :
- أعرف مرحلة طفلك العمرية فليس كل مرحلة يصلح لها جواباً واحداً !!
- تعرّف على خصائص طفلك من جهة ( الذّكاء ) فبعض الأجوبة التي نراها مقنعة قد لا تقنعه بل تفتح عليه سؤالات أخرى ..
تماماً كالطفل الذي سأل أمه : لماذا مات بابا ( زايد ) !!
فأجابته الأم : لأنه صار كبيراً !!
فسألها ببراءة : لكن جدتي كبيرة ولم تمت !!
ركّز . . طفلك يسألك !!
1 - لا تستهن بسؤال الطفل ولا تحقّره على سؤاله وأشعره بقبولك له ولسؤاله .
2 - لا تنحرج من سؤال طفلك .. حتى لو سألك امام الآخرين سؤالاً محرجاً .. إن إظهار الإحراج من سؤال الطفل سوف يحجب عنك التصرّف الصحيح حينها .. لأنك حينها سيلتفت ذهنك إلى محاولةالتخلّص من هذا الإحراج لا الحرص على نفسيّة الطفل واختيار الجواب الحكيم لسؤاله .
3 - عندما لا تعرف الجواب .. لا تتحرج أن تقول لطفلك لا أعلم وسأبحث لك عن الجواب وأخبرك حينها .. بهذه الطريقة تنمّي في حسّ الطفل الحسّ بمسؤولية الكلمة كما تنمّي فيه حسّ الاهتمام والمتابعة لك بالبحث عن الجواب .
4 - لا تعتبر طفلك ثرثاراً عندما يكثر من الأسئلة . . بل اعتبره ذكيّا فهيماً لما يدور حوله .
5 - لا ترفض سؤال طفلك .
لا تقل لطفلك : توقف عن هذه الأسئلة، لا تكن كثير التساؤل، لا تزعجني بأسئلتك ...
بهذاالأسلوب تصل إلى الطفل رسالة تحمل له أمرا بالصمت، وبتكرار هذه الإجابة يتعلم الطفل عدم توجيه أسئلة ، فيتعلّم ( أن لا يتعلّم ) !!
6 - في بعض أسئلة الأطفال يكون هناك فرصة لتشجيع طفلك على البحث - إن كان يستطيع البحث - أو تعينه على تشغيل ذهنه وفكره بتقريب الأمور له بطريقة مبسّطة ..
مثال :
عندما يسأل الطفل عن الجنين كيف دخل لبطن أمه:
تجيب الأم أو الأب: أجب أنت.. كيف تتصور أن أتى الطفل إلى بطني.. هل بشيء أكلته مثلاً أم أني اشتريته أم ماذا؟
وحين يجيب الطفل بما لديه، تقول له الأم مصححة: لقد خلقه الله في بطني كما خلقك وكما خلقني في بطن أمي وكما يخلق الناس جميعًا، ولا داعي للوصول إلى تفصيلات أبعد من ذلك. ( هذا في مرحلة معيّنة ) !!
7 - استخدم الأمثلة من الواقع ، والتي يكون فيها أوجه تشابه تقرّب افجابة إلى الطفل .
فحين يسأل مثلاً : كيف خرَج إلى الدنيا .. أو كيف جاءت أخته !!
ترد عليه الأم - مثلاً - : بأن الطبيبة تعينها على إخراجه، وإن كان كبيرًا جدًّا فقد تشق بطنها لإخراجه، وأن الطفل يشبه الطعام حين يدخل إلى جوف الإنسان فهو يخرج حتمًا منه من مكان مخصص لذلك ومن فتحة خلقها الله لذلك في جسم كل أم، وحين يسألها عن مكانها يمكنها أن تشرحها له على دمية مثلاً، والمهم أن تتم الإجابة على قدر السؤال دون فتح للمزيد من الموضوعات بأي حال، ودون ترك الطفل حائرًا في نفس الوقت.
8 - في بعض الأسئلة - أيضاً - يحتاج الطفل أن يتعلّم أن هناك أموراً غيبية ينبغي احترامها بعدم السؤال عن تفصيلاتها لأنهاأشياء لايعرفها حتى الكبار .